الأربعاء، 16 مايو 2012

فى البنوة التى تحيينى



تزدحم أدراج البيت بمخلفات اعتقدها هامة ، وتتعارك كتبى فى المكتبة على أهمية ظهور كعوبها للضيوف ، وأنا الذى أعرف قيمة كل واحد منهم ، يداعبنى شباك مضىء يظهر من الشباك الطويل جدا المفتوح من غرفة المكتب على الطريق المؤدى للسيدة زينب ، وتدغدغ أذنى أغنية "البت مديحة انا شفت بتاعها وبتاعها لمونى زغل لى عيونى " لشباب المقهى الذى يبعد عن شباكى مسافة أربعة ادوار فقط ، وتتواتر الى إعلانات مرشحى الرئاسة فى فاصل برنامج " آخر كلام " ذلك البرنامج الذى يجعلنى ارتمى على كنبتى القديمة أجهز على علبتى سجائر سوبر وكوبين من النسكافيه البلاك وربما كان سببا فى زيادة وزنى ، ولم امتنع عن مشاهدته واترك قناته تعمل دون توقف حتى أثناء تلك الإعلانات السخيفة الذى يمكن لوقتها ان يحقق لى مكاسب مشاهدة أخرى على قنوات أخرى ، تنادى كارمن على لأطعمها ، وقد انتابني تجاهها حالة نفور عجيبة أثر جرح سببته لى تلك السيدة التى تدعى الرقة والمحافظة على حقوق الإنسان ، فما كان منها إلا أنها انتهكت انسانيتى لمجرد خلافى معها فى الرأى ، وكأن روحى ترفض تلك القطة التى اهدتنى إياها يوما ، فها أنا لا أطيقها بالبيت ، وأريد إطلاق سراح كارمن الى الشارع ، اعتقادا وإيمانا منى بأنها ستعيش افضل بينهم ، أتحرك بعد انتهاء عشرة كلمات من كتابتى هنا للاطمئنان على "نهى " وهى نائمة وأنا أدعو الله ان يكون ليس هناك أثر للحادث التى تعرضت له صباحا آثر اصطدامها بسيارة عندما تركت يدى بشقاوتها المعتادة ، وعندما رأتنى أبكى ابتسمت ابتسامة مصطنعة وهى تقول لى " خلاص يا ماما أنا كويسة والله أنا كويسة اهو " هى أقوى منى بمراحل ، تخيفنى قوتها وإصرارها على أن تثبت لى أنها أبنة قوية ، أتمنى ان أكون أم قوية تستحقها ، على التخلص من كل رغباتى الأخرى التى تضعفنى ، وتجلعنى فى مآزق نفسى مربك فى مواجهة صعاب الحياة ، وبفضل قوتها ، أجلس هادئة الأن أبحث فى عقلى عن أسباب الحزن الغبى الذى ينتابنى ، هى أنفاسى الحقيقية التى أحيا بها ، قطعة من جسدى تشبهنى الى حد التطابق ، وأتمنى ألا تشبهنى فى الواقع ، فأنا أم بلهاء لم أكن يوما بدهاء الحياة ومكرها ، ربما اكتشفت بداخلى قوة إرادة وأنا أواجه الحياة وحدى ، وأنا أحفر أساسات مستقبل أتمناه سعيدا بالطبع ، فعندما رحلت امى اعتقدت اننى سأفقد الطريق تماما ، وعندما رحل زوجى ، تيقنت اننى وجدت الطريق ، فقد بانت لى أمارات القوة الحقيقية داخلى ، وأخرجت البنت الشقية كل عفاريت التحدى والصمود ، ساندنى الأصدقاء والأهل لأقف أمام عثرات الوحدة والحاجة، ربما لن تسع هذه المدونة بعدد صفحاتها الذى لا ينتهى ، شكر كل الناس الذين ساندونى بما فيهم من أذونى وتخلوا عنى ، فقد ساعدونى أيضا فى أن اعرف اننى لا أهزم أبدا ، أصبحت الوحدة شريكة مهذبة وجميلة ومطيعة ، وأصبحت أبنتى تقهر تلك الوحدة وتجبرها على الرحيل اذا أرادت ، وقهر الرغبة المرعب الذى زرعه الله داخل الجسد المرهق جعلته يتجه بغباء الى طرق لبشر مشوهين ومرضى ، انقذتنى البنت ببراءتها من الوقوع فى هذه الطرق ، أتوسل الى الله ان يمنحنى متعة بنوتها الى الأبد الخاص بى ، فأى شىء فى هذا الكون لا يساوى نظرة من عينيها الباسمة بأمل عندما تصحو بابتسامتها وتضحك ، وهو تقول بغنج طفولى "ماما" وتحتضننى حضنا يكفى لشفاء مرضى الكون ، أصبحت لا أطيق الجلوس مع بشر حتى تبدأ لحظة اشتياقى لها ، هى بنت السادسة والنصف الذى تقول لى عندما اتركها مع ابى اثناء ذهابى لموعد " خلى بالك من نفسك يا ماما " يارب تنجحى " فانجح ، فاليوم تحديدا وقبل الحادث الذى أرعبنى عليها صباحا قالت لى :
-  "ماما أنا كلمت النجمة امبارح وقالت لى انها هاتبعتلك حاجات كتير اوى عشان تجيبلى اللى انا عايزاه ، وتودينى ماك وكنتاكى وووو"
-       قلت لها يا بنت وافرضى بقى مبعتتش حاجة النهاردة
-       قالت لى خلاص متخافيش انا مش هاطلب حاجة وهى هاتبعت لك الحاجات بكرا " يااااااااااااااااااه ،
أنا صفر بجانبك ، أنا أخلو من أنا إذا لم تكونى هنا أصلا ، أنا أنت يا قطعة لحمى الصغيرة ، تحميكى ملائكة الخير من شر البشر والكائنات اللى مستخبية فى خيالك يا قلبى ، أنا دونك يا عينى لا أرى الكون لا جميلا ولا قبيحا ، اعمى بصر وبصيرة ، دونك حتى الموت لا معنى له ، احمد الله أنها هنا ، يارب دوام نعمتك فى دوام حضنها ، احمد ك يارب ، ما كل هذا الحنان يارب ، أدم على نعمة بنوتها وبارك لى فى أمومتى ، أنا أحتاج لك كل لحظة أن تباركنى ، وانت بالفعل لم تبخل على ببركتك يوما ، بكل ما ترسله لى أرضى ، راضنى بدوام نعمتك على فى ابنتى ، باركنى برضاك وعفوك وكرمك ومحبتك ، لى ولها وبها . احمدك يارب.